بينما يستمتع ملايين الأشخاص خاصة الشباب بتدخين السجائر الإلكترونية بنكهاتها المغرية، كان العلماء يجرون تجربة من نوع آخر، تجربة قد تكشف الجانب المظلم لهذه العادة التي تتسوق على أنها “أكثر أمانًا” من السجائر التقليدية لكن المفاجأة لم تكن في الدخان نفسه، بل فيما يخفيه.
في دراسة حديثة، كشف الباحثون عن 505 مادة كيميائية خطيرة تنبعث من السجائر الإلكترونية، بينها 127 مادة شديدة السمية وأخرى قد تضر القلب والرئتين على المدى الطويل، ولكن بدلاً من انتظار الضحايا، استعان العلماء بالذكاء الاصطناعي لرسم خريطة للمخاطر الصحية قبل أن تظهر في الواقع.
وتكمن المفارقة في أن هذه النكهات مستمدة من صناعة الأغذية، حيث تعتبر آمنة للأكل، لكنها تتحول إلى مادة سامة عند تسخينها واستنشاقها، وقد استخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي لتحليل 180 نكهة مختلفة، في محاولة لمحاكاة تأثيراتها قبل أن يصبح المدخنون فئران تجارب حقيقية.
وقد اتضح ان “الدخان الناتج عن السجائر الإلكترونية يحتوي على تركيبة معقدة من المواد الكيميائية غير المعروفة “، وهذا ما يؤكده باحثو الكلية الملكية للجراحين في إيرلندا ومركز IBM للأبحاث في اليابان. لكن الذكاء الاصطناعي قد يكون مفتاح الكشف عن المخاطر قبل أن تتحول إلى مأساة صحية.
ولم يصبح الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تحذير، بل قد أصبح شريكا في المعركة ضد التدخين، فقد طورت منظمة الصحة العالمية “سارة”، أول عاملة صحية افتراضية، قادرة على تقديم نصائح للإقلاع عن التدخين بـ 8 لغات، والتفاعل مع المستخدمين على مدار الساعة، تخيل أن يكون لديك مدرب صحي افتراضي يذكرك كل يوم بمخاطر التدخين، دون أن يحكم عليك أو يمل من تكرار النصيحة!
لكن هناك جانبا مثيرا للجدل مع تزايد تحليل البيانات الصحية، هل يمكن أن تستخدم الشركات هذه المعلومات لاستهداف المدخنين بإعلانات مخصصة؟ هل يمكن لشركات التأمين تعديل الأسعار بناءً على تحليل سلوكك التدخيني؟ والسؤال الأهم: هل نحن على أعتاب مستقبل يحارب التدخين أم يستغله؟ وهل سيكشف العلم الحقيقة المخفية وراء الأبخرة، أم سنكتشفها متأخرين بعد أن يصبح الضرر غير قابل للإصلاح؟ جميعها أسئلة هامة نأمل أن نجد لها إجابات وحلولًا قبل فوات الأوان.