هود عليه السلام.. نبي التوحيد في مواجهة الجبروت

تعد قصة نبي الله هود عليه السلام من أبرز القصص القرآنية التي تجسد الصراع الأزلي بين الحق والباطل، فقد أرسله الله إلى قوم عاد، الذين عاشوا في منطقة الأحقاف بالجزيرة العربية، يدعوهم إلى عبادة الله الواحد وترك عبادة الأصنام، لكنهم كابروا واستكبروا، معتمدين على قوتهم الجسدية وعمرانهم المهيب، وقالوا متفاخرين: “من أشد منا قوة؟” (فصلت: 15).
واجه هود عليه السلام قومه بالحكمة والموعظة، مؤكداً لهم أن القوة الحقيقية بيد الله، وحذرهم من عواقب كفرهم، داعياً إياهم إلى الاستغفار والتوبة لينالوا الخير والبركة. لكنهم لم يزدادوا إلا عناداً، وتمادوا في اتهامه بالسحر والجنون، بل وتحدوه أن يأتيهم بالعذاب الذي أنذرهم به.
استجاب الله لدعاء نبيه، فأرسل عليهم ريحًا صرصرًا عاتية استمرت سبع ليالٍ وثمانية أيام متواصلة، فجعلتهم كأعجاز نخل خاوية، ولم يبقَ لهم أثر سوى مساكنهم المهجورة، في مشهد مروع جسّد مصير الجبابرة والطغاة. وفي المقابل، نجَّى الله هودًا ومن آمن معه، ليكون ذلك عبرة للأمم من بعدهم.
قصة هود تحمل دروسًا عظيمة عن خطورة الغرور بالقوة، وأهمية الشكر على النعم، وضرورة الصبر والثبات في سبيل الدعوة إلى الله، حيث جسد هذا النبي الكريم نموذجًا للداعية الصادق الذي واجه قومه بثقة وإيمان، معتمدًا على الله في تبليغ رسالته، حتى انتصر الحق وزهق الباطل.