“سليمان الحكيم ..ملك سُخر له الكون وعميت الجن عن موته”

ورث النبي سليمان عليه السلام النبوة والملك عن والده داوود عليه السلام، فآتاه الله الحكمة والفطنة، وسخر له الرياح والجن والطير، فصار ملكه نموذجًا في العدل والقوة.
اشتهر سليمان بحكمته الفريدة، ومن أبرز مواقفه قصة المرأتين اللتين ادّعتا أمومة طفل واحد. فأمر بقطعه نصفين، فصرخت الأم الحقيقية متوسلة أن يُمنح للمرأة الأخرى، فاستدل بذلك على صدقها وأعاد إليها وليدها.
وفي إحدى جولاته، افتقد الهدهد، وحين عاد أخبره عن قوم في سبأ يعبدون الشمس، تحكمهم ملكة تُدعى بلقيس. فأرسل إليها رسالة يدعوها إلى الإيمان، لكنها اختارت اختبار نواياه بهدية فاخرة، غير أن سليمان ردها معلنًا أن ما آتاه الله أعظم.
قبل وصولها، أراد إظهار قوة ملكه، فطلب إحضار عرشها. فتحدى عفريت من الجن أن يجلبه قبل انصراف المجلس، لكن رجلًا لديه علم من الكتاب أتى به في لمح البصر. وعندما وصلت، أُصيبت بالدهشة من قصره العجيب، فأسلمت لله.
ظل سليمان يحكم بسلطان لم يُعطَ لأحد من بعده، حتى توفاه الله واقفًا متكئًا على عصاه، فظل الجن يعملون معتقدين أنه لا يزال حيًا، حتى أكلت دابة الأرض عصاه فسقط، وعندها أدركوا أنه كان ميتًا.
تحمل قصة سليمان عليه السلام العديد من العبر، أبرزها أن القوة الحقيقية تكمن في الحكمة والعدل، وأن الملك لا يُغني عن الإنسان شيئًا إذا لم يُستخدم في طاعة الله. كما تؤكد القصة أن الغيب لا يعلمه إلا الله، فقد عمل الجن لسنوات وهم يجهلون موت سليمان، مما يثبت أن قدرات المخلوقات مهما بلغت تظل محدودة أمام قدرة الخالق.