شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، اليوم، فعاليات الندوة التثقيفية الثانية والأربعين للقوات المسلحة، والتي أُقيمت بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية، في إطار احتفالات مصر بالذكرى الثانية والخمسين لنصر أكتوبر المجيد.
والتي تخللها تكريم أحد عشر من أبطال حرب أكتوبر المجيدة تقديرًا لما قدموه من بطولات وتضحيات خالدة في سبيل الوطن، وأعقبها كلمة للرئيس السيسي استعرض خلالها ما تحقق من إنجازات وطنية بارزة خلال شهر أكتوبر، والذي وصفه بشهر الانتصارات المتجددة في التاريخ المصري.
أكد الرئيس أن أكتوبر لم يكن فقط شهر الانتصار في عام 1973، بل شهد هذا العام أيضًا وقف الحرب في قطاع غزة بعد جهود مصرية مكثفة لإحلال السلام، وانتخاب الدكتور خالد العناني مديرًا عامًا لمنظمة اليونسكو كأول مصري يتولى هذا المنصب، حيث وجّه الرئيس التهنئة للدكتور العناني ولأسرته، مؤكدًا دعم الدولة الكامل له في مهمته الدولية الجديدة. كما أشار إلى انتخاب مصر لعضوية المجلس الدولي لحقوق الإنسان، معربًا عن تطلعه لفوزها بمنصب مدير عام منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو).
واستعرض الرئيس السيسي الجهود التي بذلتها الدولة المصرية على مدار العامين الماضيين لوقف الحرب في غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، وهو المسار الذي تُوّج بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وعقد قمة السلام بمدينة شرم الشيخ. وفي هذا السياق، وجّه الرئيس الشكر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب على جهوده في دعم مساعي وقف الحرب.
وأعلن الرئيس أن مصر ستستضيف في نوفمبر 2025 مؤتمرًا دوليًا لإعادة إعمار قطاع غزة، داعيًا الشعب المصري إلى المشاركة الفاعلة في جهود الإعمار تعبيرًا عن التضامن والمسؤولية تجاه الأشقاء الفلسطينيين. كما كلّف السيد رئيس مجلس الوزراء بدراسة إنشاء آلية وطنية لجمع مساهمات وتبرعات المواطنين لتمويل عملية الإعمار بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني والجهات المعنية.
وفي كلمته، تطرق الرئيس السيسي إلى التحديات التي واجهتها الدولة خلال العامين الماضيين، مؤكدًا أهمية دور الإعلام والفن في توعية الرأي العام، ونشر الحقائق، ومواجهة حملات التضليل، وصون وعي المواطن المصري.
وفيما يخص الأوضاع الاقتصادية، ثمّن الرئيس صبر الشعب المصري وتحمله للضغوط، مؤكدًا أن الإجراءات التي تتخذها الدولة تستهدف إصلاحًا حقيقيًا وجذريًا بعيدًا عن الحلول المؤقتة أو سياسة التأجيل، مشيرًا إلى أن التخطيط والإرادة الشعبية الواعية هما السبيل لتجاوز التحديات.
وأضاف أن الدولة تدرس قراراتها بدقة وتتخذها دون تردد متى اقتضى الصالح العام ذلك، مشددًا على أنه يشعر بمعاناة المواطنين لأنه واحد منهم، مؤكدًا ثقته في أن مصر ستتجاوز المرحلة الصعبة بعون الله وجهد أبنائها.
ومن أبرز تصريحات الرئيس السيسي خلال الندوة، والتي حملت رسائل إيمانية ووطنية عميقة، حيث استعرض الرئيس عبد الفتاح السيسي فيها أبرز محطات صمود الدولة المصرية خلال السنوات الماضية، مؤكدًا أن يد الله كانت دائمًا حاضرة تحفظ مصر وتساندها منذ أحداث عام 2011 وحتى اليوم.
وقال الرئيس السيسي: “نحكي عن فترة تقارب 15 سنة منذ 2011، والواقع من حولنا يؤكد أن يد الله كانت موجودة مع مصر، حفظتها وعبرت بها وساندتها، وهذا في حد ذاته كرم من ربنا… فهناك دول كثيرة مرت بظروف مشابهة ولم تصمد، وعدد سكاننا الكبير يجعل المهمة أصعب، لكنه سبحانه وتعالى المالك والمقدر وأمره نافذ.”
وفي حديثه عن تداعيات الحرب على غزة، أوضح الرئيس أن مصر بذلت أقصى ما يمكن لإيقاف الحرب والسيطرة على الموقف، مشيرًا إلى أن الكلمة في تلك اللحظات كانت في غاية الأهمية، قائلًا: “الكلمة تبقى نورًا تدخل الإنسان الجنة أو تدخله النار.”
وتساءل الرئيس: “هل تتصورون أن مصر تدخل حربًا بسبب ما يحدث في غزة؟ هل من المنطقي أن نضيّع مقدرات ومستقبل دولة تضم 110 ملايين مواطن، ومعهم 10 ملايين ضيف يعيشون بيننا، من أجل فكرة أو وجهة نظر؟”
كما حذر من تأثير الحروب على مسيرة التنمية، مؤكدًا أن الحرب تُعيد الدول سنوات إلى الوراء، وقال: “اليوم الذي تُشعل فيه حرب يمكن أن يؤخر البلد شهورًا وسنين… الساعة الواحدة من الحرب قد تُعيدنا أعوامًا إلى الوراء.”
وتناول الرئيس تجربة مصر في مواجهة الإرهاب بعد أحداث 2011، مؤكدًا أن المعركة كانت طويلة وصعبة، مشيدًا بتضحيات الجيش والشرطة والشعب المصري، قائلاً: “والله أشرار، ولو يعرفوا ربنا ما يعملوش كده… ربنا سبحانه وتعالى حمى بلدنا، الجيش والشرطة والشعب المصري، وكل بيت فيه شهيد أو جريح، وأثر الجرح ما زال موجودًا حتى الآن… القضاء على الإرهاب لم يكن سهلًا، فدول كثيرة حاربت لعشرات السنين ولم تنجح.”
وأضاف الرئيس شاكرًا المولى عز وجل: “فضل الله والشكر والمنة ليك يا رب… نجحتنا ونصرتنا، كل حاجة أنت، لأنك المعين بالأسباب… عدينا المرحلة الصعبة دي، وحتى خلال جائحة كورونا لما كانت الناس كلها بتقول إن الدنيا هتفضل كده، كالعادة عدت الأمور علينا بخير وسلام.”
واختتم الرئيس كلمته بتأكيد تفاؤله بمستقبل مصر، قائلاً: “اليوم من الأيام الجميلة إن شاء الله، وأنا متفائل جدًا بحالنا دلوقتي. الحرب مش بس بالسلاح، لكنها بالمعرفة والاقتصاد والعلم والوعي والإرادة والثقة والتحمل، كلها من أشكال الأسلحة… عملوا حكاية السفارات، مكر وكذب وإفك، لكنها السياسة، والله سبحانه وتعالى مطّلع، شفتوا العزة؟ مش إحنا، هو… ربنا ما يحرمنا أبدًا من دعمه ونصره ورضاه.”
وفي ختام كلمته، وجّه الرئيس تحية تقدير للرئيس الراحل محمد أنور السادات، مشيدًا بشجاعته في اتخاذ قرار العبور لاستعادة الكرامة الوطنية بعد نكسة عام 1967، مؤكدًا أن الدولة المصرية ماضية في تجاوز التحديات وبناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة.