الحرارة القاتلة والجفاف والامراض.. كيف يهدد المناخ حياتنا؟

كشفت دراسة حديثة قام بها باحثون من معهد برشلونة للصحة العالمية (ISGlobal) عن التأثيرات الخطيرة للتغيرات المناخية على صحة الإنسان، حيث أصبحت هذه الظاهرة واحدة من أكبر التحديات العالمية التي تهدد حياة الملايين، فمع ارتفاع درجات الحرارة وتزايد الظواهر الجوية المتطرفة مثل الفيضانات والجفاف والعواصف، تتفاقم المشكلات الصحية في مختلف أنحاء العالم، مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة هذه الأزمة.
وأظهرت الدراسة، أن أكثر من نصف الوفيات المرتبطة بالحرارة في أوروبا خلال صيف 2022 كانت نتيجة مباشرة للتغير المناخي، ووفقا للبيانات ان 38 ألف شخص معرضون للموت من الحرارة لو لم يكن هناك تلوث ناتج عن النشاط البشري، وتعد الفئات الأكثر عرضة للخطر هم كبار السن والأطفال والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، الأكثر تضررا من الإجهاد الحراري الذي يسببه ارتفاع درجات الحرارة.
ولم تتوقف التأثيرات السلبية للتغير المناخي عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل تلوث الهواء، الذي يعد أحد أخطر العوامل المهددة لصحة الإنسان، فقد أكدت تقارير علمية أن تلوث الهواء يتسبب في وفاة الملايين سنويا بسبب أمراض مثل الربو وأمراض القلب والسكتات الدماغية، ومع ارتفاع درجات الحرارة، يزداد تركيز الغازات الملوثة في الجو، مما يؤدي إلى تدهور جودة الهواء وزيادة عدد المصابين بالأمراض التنفسية.
كما أشارت الدراسة إلى أن التغيرات المناخية تؤثر بشكل كبير على انتشار الأمراض المعدية، حيث تؤدي التغيرات في أنماط الأمطار ودرجات الحرارة إلى توسع رقعة الأمراض المنقولة عبر المياه والحشرات، مثل الملاريا وحمى الضنك، فالحرارة والرطوبة المرتفعة توفر بيئة مثالية لتكاثر البعوض ونقل العدوى إلى مناطق جديدة لم تكن تعاني من هذه الأمراض من قبل.
ولا تقتصر التأثيرات على الجانب الصحي المباشر، بل تمتد إلى تهديد الأمن الغذائي والمائي، فالفيضانات والجفاف تدمر المحاصيل الزراعية وتقلص مصادر المياه النظيفة، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات سوء التغذية والأمراض المرتبطة بها، بالإضافة إلى ذلك تؤثر هذه الأزمات على الصحة النفسية للمتضررين، حيث يواجه الكثيرون ضغوطا نفسية شديدة نتيجة فقدان منازلهم أو مصادر رزقهم أو حتى أحبائهم بسبب الكوارث المناخية.
وتشير الإحصائيات إلى أن 3.6 مليار شخص يعيشون في مناطق شديدة التعرض لتغير المناخ، وفي الفترة من عام 2030 إلى عام 2050، يُتوقع أن يسبّب تغير المناخ نحو 250 ألف حالة وفاة إضافية كل عام بسبب نقص التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري وحدها، وفي مواجهة هذا الواقع المرير،
وتؤكد الدراسة على ضرورة أن تعمل الدول بشكل جدي على تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وتحسين جودة الهواء والاستثمار في البنية التحتية الصحية كما أصبح رفع مستوى الوعي بين الناس حول مخاطر التغير المناخي وتشجيعهم على تبني سلوكيات بيئية مستدامة أمرا ضروريا لحماية صحة الأجيال الحالية والقادمة
والسؤال الذي يطرح نفسه الان هل سيتحرك العالم لتفادي الكارثة الصحية التي تقضي على البشرية بسبب التغير المناخي؟